عبد السلام المدني
من العروض المسرحية إلى ظهور سينما وطنية
كلية الفنون والإعلام / جامعة طرابلس ليبيا Abdessalm Al Madani, Faculté des arts et de la communication, Université de tripoli, Lybie.
ولادة فــن
تعتبر السينما فن من الفنون المعاصرة إذ التحقت ببقية الفنون الأخرى في نهاية القرن التاسع عشر واعتبرت بأنها أيضا فن تعبيري والصورة المتحركة هي إحدى أدواتها الأولى، ثم الحق بها الصوت بعد ذلك. بدأت السينما في البداية مجرد “لعبة” بل اعتبرها البعض أنها لا تعدو أن تكون إلا مجرد تسلية سيخبو ضجيجها بعد فترة وجيزة. إلا أن السينما عكست نظرة المتشائمين لها، فقد شقت طريقها وأصبحت هي عين الفنان التي تراقب وتنفعل، هي رؤيته أيضا أينما كان بل هي التي تحس بإحساسه وتهتز لخلجاته. ومع مرور الوقت تعددت وظائفها وتحولت من مجرد تسلية إلى فن أكثر نضجا فاكتسبت لغة خاصة بها استمدتها من تنوع مواضيعها المختلفة باختلاف مدارسها وتشعب مفاهيمها وما تطرحه من تساءل حول هويتها وانتماءاتها لشعوب مختلفة في ايديولوجيتها الفكرية والثقافية.
وصل الفن السينمائي إلى الدول العربية في فترة مبكرة من القرن الماضي وحط رحاله في مصر في نهاية العشرينات أي بعد قرابة أكثر من ثلاثون عاما من التجارب السينمائية العالمية في كل من أوربا وأمريكا إلى الاتحاد السوفيتي السابق. فشهدت السينما خلال هذه الحقبة العديد من التطورات والتجارب الفنية حتى وصلت في مطلع القرن العشرين إلى حد الكمال ففرضت نفسها كفن لا يمكن الاستغناء عنه. في البداية كان ظهور السينما كآلة لا كفن إلا أن الصورة المتحركة التي جاءت نتاج هذه الآلة فرضت نفسها كفن قائم بذاته ومستقلة عن الصورة الثابتة. ففي الصور الأولى التي التقطتها آلة الأخوين (لوميير) كخروج العمال من المصنع وإطعام الطفل ودخول القطار إلى محطة “لاسيوطا” جعل الجمهور يشعر باندهاش غريب كما شعر البعض الآخر بالخوف بسبب مشهد القطار وهو قادم داخل الشاشة البيضاء. وكان ذلك هو بداية الانبهار الأول والإحساس بالرهبة والمتعة في آن واحد جعلا من الصورة المتحركة تتربع على سدة الفنون السبعة. ومنذ ذلك التاريخ أيضا بدأ المخترعون يولون اهتماما للآلة ولفنها بأنه سيكون لها مستقبل زاهر وليس كما تنبأ لها مخترعها الأول بأنها لن تقدم إلا شيئا مضحكا ومسليا[1]. ومع مرور الوقت تطورت السينما بشكل متوازي: فبينما كان المنظرون الأوائل يجدون في تطور النظريات الفنية كفن المونتاج وتركيب الصورة لجعل المشاهد أكثر إثارة، كانت المصانع بدورها تجتهد في صنع آلات مميزة في الشكل وأكثر ملائمة في العمل وأسرع أداء.
العهد التركي وبدايات النهضة المسرحية
وصل الفن السينمائي إلى ليبيا كغيرها من الدول العربية في شكل عروض سينمائية عن طريق الشركات الايطالية وذلك بعد غزو ايطاليا لليبيا سنة 1911. إذ تمكن بعض سكان المدينة القديمة والجاليات الأجنبية الأخرى من مشاهدة بعض العروض داخل المعلم التاريخي قوس “ماركوس اوريليوس” المطل على البحر حيث اتخذ في بادئ الأمر كدار عرض[2]. لم تكن العروض في بدايتها متاحة للجميع بل لبعض الشرائح المثقفة في المدينة القديمة وبالذات الغالبية من الجالية الايطالية واليونانية والتجار اليهود وقلة قليلة من الليبيين[3]. أما المدن الصغيرة والنائية فلم يعرف الفن السابع لها طريقا، ولان السينما لا تزال في بداياتها حتى في الدول التي اخترعت فيها. فلم تنشا بعد أماكن خاصة للعروض بهذه المدن أو القرى لعدم وجود جالية أجنبية أو نشاطات ثقافية. في بداية القرن العشرين وعندما كانت السينما تنمو وتزدهر كان الليبيون منشغلون ” بالجهاد ” ومحاربة الغزو الايطالي، فالوقت لم يكن متاحا للفرجة والعامل الثقافي والاقتصادي لا يسمحان بذلك. فالمسرح الذي ظهر مبكرا في بعض الدول العربية لا يزال هو الآخر في بدايته بل ولم تظهر معالمه في ليبيا إلا في نهاية العشرينات في شكل عروض وصور متحركة (أي السينما) حسبما أورده الرحالة أ.بيرناي[4]. على إثر ذلك تكونت في بادئ الأمر النواة الأولى لمسرح محلي تحت الحكم العثماني إلا أن أحد المهتمين في هذا المجال يستبعد قيام مسرح في العهد التركي باعتبار أن المواطن الليبي بقي لفترة طويلة من الوقت بعيدا عن أي نشاط ثقافي بسبب السياسة العثمانية وتقييدها للحريات العامة[5]. ومع بداية القرن العشرين واستشعار تركيا للخطر سمح حزب الشباب والترقي سنة 1908 بحرية التعبير فأسست الجرائد والدوريات في ولاية طرابلس الغرب، انتعشت فيها إلى حد ما الحياة الفكرية والثقافية حتى بداية الغزو الايطالي الذي أنهى حقبة تاريخية للعهد العثماني الثاني حكم فيها ليبيا قرابة 80 سنة (1831 -1911). وقد تميزت الفترة الأخيرة من الحكم العثماني بنشاطات وانفتاح في مجالات الثقافة والأدب. وكان لنتاج هذا الانفتاح إنشاء مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية كي تساهم في إثراء الحياة التربوية والعلمية وتنشيط الميدان الحرفي والمهني ومجالات الفنون التي تفتقر إليها البلاد.[6] فأنشأ داخل هذه المدرسة فيما بعد ناد لهواة المسرح عن طريق مجموعة من المدرسين والطلبة وتم إعداد عروض مسرحية باعتبارها جانبا من النشاط الفني. في ذات الوقت تم افتتاح النادي الأدبي التابع لحزب الإصلاح الوطني[7]. وبرغم العديد من الاجتهادات التي حاول البعض أن يساهم بها حسب إمكانياته وبرغم ظروف حرية التعبير المتاحة حينها، فقد ظل المشهد الثقافي الليبي في مطلع العشرينات وحتى نهاية الثلاثينات منسيا ومهمشا لأسباب عديدة: منها الحرب الايطالية الليبية والفقر وهجرة العقول إضافة إلى الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الصعبة التي مر بها المجتمع الليبي. وقد استمر الحال حتى بعد الحرب العالمية الثانية، فإيطاليا التي ازدهرت فيها الفنون لم تساهم من جانبها بنشرها في ليبيا البلد الذي احتلته وأخضعته لسيطرتها لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان. ربما انشغال ايطاليا بالحرب العالمية الأولى وحربها مع ليبيا لم يمكناها من الاهتمام بالجانب الثقافي واحتمال استشعارها بان الليبيين شعب غير قابل للاندماج وغير مستساغ لثقافة دخيلة ولفعل ذلك قد يستوجب هذا الأمر وقتا طويلا. فهي قد خرجت منهكة من الحرب العالمية الثانية وغير قادرة على الاهتمام بالتنمية وبشكل جوهري على شاطئها الرابع كما كانت تسمي ليبيا قبل الغزو. إلا أنها وفي مطلع الثلاثينات، حاولت أن تهتم بجاليتها التي تستحوذ على جل الأراضي والمزارع، فبدأت بالتوسع في العمران في كل من طرابلس وبنغازي كبناء الإدارات والمدارس والمحال وإقامة دور العرض والتوسع فيها.[8]
أما في مجال الفنون ومع مطلع الثلاثينات كان المسرح والعاب الكاراكوز والاحتفالات الدينية هي وسيلة التعبير الوحيدة في البلاد. ويذكر المخرج الراحل محمد الفرجاني في كتابه قصة الخيالة الليبية في نصف قرن: ” بأنه لم يكن هناك في تلك الفترة أي إنتاج سينمائي محلي.” [9] ويضيف نفس المخرج بان ليبيا في العهد الايطالي كانت تستغل من قبل بعض شركات الإنتاج الايطالية في تصوير المناظر الصحراوية والآثار الرومانية لبعض مشاهد أفلامها ولأشرطتها الدعائية. في نهاية الأربعينات وفي هذا المجال تعاون الفنان فؤاد الكعبازي مع بعض الشركات الايطالية التي كانت تقوم بالتصوير لأشرطة وثائقية وروائية وبعض الزوايا الدينية، كما استغلت أيضا بعض الأماكن الصحراوية ومواقع أثرية رومانية ويونانية [10]. الحق بوزارة الإعلام بعد الاستقلال في الخمسينات قسم التصوير السينمائي لإنتاج الجريدة المصورة لتهتم بالنشاطات الثقافية والفنية والاجتماعية والسياسية أيضا. ولم تتعدى هذا الحيز إلا في مطلع الستينات عندما فكر البعض ومن أخذته الغيرة بالمغامرة والدخول في إنتاج بعض الأعمال السينمائية لتكون بالنسبة له سبق الشرف وتسجيل أول مبادرة. إلا أن تلك المغامرة ظلت محصورة داخل نطاق التجربة السينمائية في دولة مثل ليبيا لم تنشأ فيها بعد صناعة السينما. فقد اصطدمت هذه المحاولات بالواقع فلا وجود لثقافة سينمائية أو نوادي سينما بل وحتى مكتبات فنية يمكن أن يجد فيها المرء بعض المراجع هذا بالإضافة إلى عدم وجود من يؤمن أصلا بمثل هذه التجارب ويشجعها ويكون حتى مساعدا في رفع المعنويات وبالتشجيع المادي إن أمكن ذلك.
المحاولات الأولى لنشأة سينما وطنية
كانت المحاولات السينمائية التي ظهرت بوادرها الأولى في نهاية الستينات القصد منها التعرف على هذا الفن ومحاكاة الدول المنتجة له، على اعتباره فنا جديدا يمكن تطويعه كالمسرح مثلا. فالعروض الفنية التي سبقت المسرح كانت تقدم للجمهور بعض محاولات عرض الفرجة كعرض العاب الكراكوز أي (مسرح الظل) أو كما سماه الأتراك قديما “ظل الخيال” الذي جلبوه معهم[11] في منتصف القرن التاسع عشر وتوارثه الليبيون أب عن جد وأوجدوا له أماكن للفرجة ومع مرور الوقت حاز هذا الفن على استحسان الجمهور خصوصا الأطفال في المناسبات الكبيرة كشهر رمضان والأعياد الدينية. وكما يصف هنا أحد الرحالة في بداية القرن الماضي في زيارته للمدينة القديمة عندما نزل بها واصفا بعض شوارعها قائلا: «يوجد بالقرب من ميدان الساعة أو شارع فندق الريح مجموعة من المقاهي حيث
يأتي الناس لمشاهدة عروض الكراكوز[12].”
وقد ازدهرت هذه الألعاب حتى مطلع الخمسينات ومن أبرز عارضي هذا الفن في طرابلس حمزة محمد الوسطي ويلقب (بعمي الوسطي) وفي بنغازي سالم المكحل وبازاما[13]. استمرت هذه العروض لفترة من الزمن إلى أن هجرها أصحابها لظروف ما، إما لأنها لم تعد تلاقي إقبالا من قبل الجمهور أو لأن العاملين بها قد تقاعدوا أو أوجدوا لهم أعمالا أكثر ربحا كما أن دخول وسائط فنية جديدة كالمذياع وانتشار العروض المسرحية في كل من طرابلس وبنغازي كان له أثرا سيئا على العاب الكاراكوز. في المجال السينمائي جاءت الأفكار الأولى ببعض المحاولات لإنتاج أفلام قصيرة هي أقرب إلى أفلام الهواة منها إلى الحرفية باعتبارها بدأت بداية عفوية دون دراسة مسبقة. ” إذ تعتبر دراسة السينما من أهم الأسس التي يقوم عليها تطور الفن السينما في أي دولة من دول العالم، وباعتبارها أيضا أحد عناصر الفنون الجميلة التي يجب دراستها في مراحل التعليم المختلفة كتاريخ وحرفة وتذوق وهواية أيضا.[14] في هذا المجال لم تعرف ليبيا أي معهد للسينما أو تشكيل نواد أو جمعيات على غرار النوادي والجمعيات الرياضية المنتشرة في البلد. فعدم نشر الثقافة والمعرفة السينمائية بين الأوساط الشعبية غيب بالتالي إقامة نواد أو جمعيات تعنى بشأن الفن السابع. وبشكل -فضولي- بدأ الاهتمام الفعلي بالبحث في إمكانية الإنتاج السينمائي في نهاية الستينات من القرن الماضي والتي قام بها بعض الذين درسوا الفن السابع في بعض الدول العربية ومن بين هؤلاء المهتمين نجد المخرج محمد الفرجاني الذي درس السينما في جمهورية مصر العربية ثم عاد إلى ليبيا في الستينات وعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي قسم الإعلام وبالتحديد الجريدة المصورة. ومن خلال عمله في وبعض الأعمال التسجيلية حاول أن يقوم بأولى محاولاته في الفيلم الروائي في سنة 1967 إلا أنها باءت بالفشل ولم تظهر إلى حيز الوجود.[15]
في فترة الثلاثينات وخلال تواجده بإيطاليا للدراسة استطاع الفنان فؤاد الكعبازي أن يعايش عن قرب الإنتاج السينمائي. إذ استطاع أن يتعاون مع بعض المخرجين الايطاليين في نهاية الأربعينيات وذلك لإنتاج بعض الأعمال التسجيلية. فاستعان في ذلك الوقت مع زميل له ايطالي الجنسية ليبي النشأة من اجل تصوير فلم عن الزوايا في ليبيا. وبعد هذه المحاولة التي يبدو انه قد كتب لها النجاح، توالى إنتاج بعض الأفلام التسجيلية في ليبيا عن طريق شركات إنتاج ايطالية. أما على المستوى المحلي وفي الفترة الواقعة ما بين 1963 إلى 1970 فقد تم إنتاج مجموعة من الأفلام الوثائقية مع مجموعة أعداد من الجريدة المصورة وذلك بعد استحداث قسم الإنتاج السينمائي بوزارة الإعلام بعيد الاستقلال.[16] فقد نشط بعض الشباب الهواة بعد إنشاء شركة قطاع خاص تدعى ” الشركة العربية الليبية للإنتاج السينمائي” أدت المحاولة الثانية إلى إنتاج فيلم قصير بعنوان “عندما يقسو القدر ” إخراج عبد الله الزروق[17] وهو فيلم روائي تسجيلي من إنتاج نفس الشركة وقد قام بالتمثيل نخبة من ممثلي المسرح. ثم كانت المحاولة الثالثة من إنتاج إدارة السينما التابع لوزارة الإعلام والثقافة شريط روائي طويل يحمل عنوان: ” الطريق ” القصة لأحمد الدرناوي سيناريو وإخراج يوسف شعبان محمد. ويعالج الفلم مشكلة ربط المدن النائية بطرق معبدة لكي يستطيع الناس التنقل بحرية بين مناطقهم وبقية المدن الأخرى وذلك من خلال معاناة نقل مريض إلى مستوصف القرية فوق عربة تجرها الدواب عبر طريق وعرة.
هل يمكن أن يساهم المسرح والفنون التشكيلية في دعم ونهضة سينمائية محلية؟
كانت هذه المحاولات أو التجارب الأولى التي خاضها البعض دون أية دراسة أو بنية تحتية أو أسس فنية أساسها الرغبة الملحة لديهم وحبهم للسينما باعتبارها فنا تعبيريا كالمسرح. فهذه الأعمال المتواضعة كانت تسعى في حقيقة الأمر إلى خلق حركة نشطة في مجال الفن السابع وإمكانية النهوض بالسينما المحلية كما هو الحال في بعض الدول العربية التي شهدت تطور السينما، لا تزال في بداياتها والتفكير في ترسيخ نشر الثقافة السينمائية تحتاج إلى خطة شاملة ودراسة متكاملة للموروث الثقافي والفكري ودراسة متأنية للنشاط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي أيضا.
في نهاية الخمسينات وبعد استقلال ليبيا تعاونت كل من وزارة الإعلام مع الأمم المتحدة في توثيق النشاط الثقافي والسياسي لليبيا. باعتبارها دولة في طور البناء وتفتقر إلى العديد من الموارد. أما الوسائط الإعلامية كالإذاعة المسموعة والتلفزيون فهما لا يزالان في بدايتهما. فالبث المرئي لم تبدأ تجاربه بعد في ليبيا إلا سنة 1968. لذا كان الاعتماد على الجريدة المصورة أمرا مهما في استقطاب شريحة كبيرة من الجمهور. إذ كانت السينما هي الأقرب إلى مجتمع يضج بمختلف الأعمار بفضل وجود دور العرض والسيارات المتنقلة داخل القرى والأرياف التي تفتقر إلى أماكن للعرض.
كان التفكير الذي يهيمن على محبي السينما في ذلك الوقت هو محاكاة السينما العربية خصوصا السينما المصرية التي استحوذت بأفلامها ذات المواضيع المتنوعة الدرامية منها والتاريخية والدينية فأثرت بشكل لافت على المشاهد في ليبيا[18]. وعليه فان التفكير في الإنتاج السينمائي بدأ يستهوي الجميع إلا أن كيفية التنفيذ تبدو صعبة وبعيدة المنال. فالسينما على عكس المسرح تحتاج إلى العديد من الأدوات والحرف الفنية والتي بدونها لن يكون العمل متكاملا. فالسينما آلة بالدرجة الأولى بالإضافة إلى نص سينمائي مكتوب (سيناريو) وسلسلة من الأعمال المعملية والفنية حتى يظهر الفيلم إلى حيز الوجود. إلا أن الأمر لا يقتصر فقط على هذه النواحي الحرفية بل لابد من ضرورة توافر شروط ومناخ يسمح بتبني أي إنتاج سينمائي بأكمله، بدءا من نشر المعرفة السينمائية والثقافة السينمائية. وعلى المجتمع أن يعترف بها فنا كبقية الفنون الأخرى كالمسرح والموسيقى والرسم وتدرس أيضا في المدارس كمادة تذوق. فتعليم السينما هو الأساس لتنشئة جمهور جديد وذواق لكل الفنون. أن خلق بنية تحتية أو قاعدة فنية قبل البدء في الإنتاج السينمائي هو شيء ضروري وبديهي ووجود دور عرض في كل من طرابلس وبنغازي وبعض المدن الأخرى لا يعني انه يمكننا خلق ثقافة سينمائية بالمعنى المتعارف عليه وبالتالي إنتاج أفلام روائية. إذ كيف يمكن إنتاج أفلام ذات طابع محلي دون وجود بنية تحتية؟ في الوقت الذي نعاني فيه من عدم وجود شركات إنتاج أو جهة ما تتبنى الإنتاج السينمائي وتنظيمه، لا وجود أيضا لنوادي السينما أو مكتبات فنية وسينمائية، الخ. علما بان بعض الظواهر المسرحية المساعدة كانت تنشط منذ بدايات القرن الماضي وشدت إليها الناس كبارا وصغارا مثل فن الكاراكوز والعاب العادات والتقاليد كألعاب “الشيشباني” واللوحات الشعبية الأخرى بالإضافة إلى وجود المسارح الأثرية التي تزخر بها ليبيا بفضل الحضارات القديمة كالحضارة الرومانية واليونانية وتزاوج هاتين الحضارتين بالحضارة الإسلامية وحضارة وادي النيل وليبيا القديمة[19]. أكثر من ذلك فهاتان الظاهرتان اعتمدت عليهما السينما عند بدء نشأتها. فإذا دققنا النظر وتفحصنا تاريخ السينما فإننا سنفاجأ بأنه لم تكن هناك مدارس سينمائية في الدول التي نشأ فيها الفن السابع بالمعنى الحرفي للكلمة إلا في نهاية العشرينات من القرن الماضي. فالمسرح بطبيعته فنا شعبيا كان له حضوره في المجتمع، فقد استطاع الرواد الأوائل في ليبيا منذ مطلع القرن الماضي أن يرسوا دعائمه بالإمكانيات المتاحة لديهم في ذلك الوقت. فقد كانت اغلب المواضيع المسرحية وحتى وقت قريب مستوحاة من المجتمع الليبي الزاخر بالعادات والتقاليد وجزءا كبيرا من التراث العربي والعالمي. وبالتالي كان هناك أيضا تنوع في المواضيع والنصوص إلى جانب اهتمام أولئك الرواد بالاتجاهات المتعددة في الفن المسرحي الذي تأثر في العديد من قوالبه بالمسرح العربي المعاصر.
إذا نظرنا إلى البدايات المسرحية في ليبيا نجد إنها ليست وليدة الأمس بل تعود إلى القرن العشرين وبالتحديد في فترة النشاط الصحفي والفكري في نهاية العهد العثماني الثاني ومنذ ذلك التاريخ والمسرح الليبي يشهد تطورا في تشكيل النوادي وإقامة السهرات المسرحية في اغلب المدن الليبية من طبرق إلى درنة المدينة التي شهدت هي الأخرى ولادة المسرح الليبي على يد محمد عبد الهادي أحد رواده. ومن بنغازي على يد رجب البكوش وإبراهيم الأسطى عمر اللذان أسسا (نادي عمر المختار). وفي طرابلس على يد الشاعر احمد قنابة، مصطفى العجيلي، فؤاد الكعبازي، علي حيدر الساعاتي وأمين سيالة وغيرهم… كان هؤلاء الرواد قد أسسوا ” النادي الأدبي” الذي كان يعد نشاطا ملحوظا برغم وجود مناخ سياسي لا يشجع على ذلك وهو الاستعمار الايطالي[20]. هذا بالإضافة إلى وجود مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية التي كان لها دورا بارزا في الإسهام في نهضة الحركة المسرحية والموسيقية والتشكيلية على حد سواء. في ذات الوقت تأثر المسرح الليبي كغيره وفي وقت مبكر ببقية المسارح العربية التي كانت تقوم بتقديم عروضها في اغلب المدن الليبية.[21] وقد تمت في بداية الستينات الاستعانة ببعض الخبراء في المسرح من كل من تونس ومصر في مجال الإلقاء والتمثيل وكان الهدف منه صياغة مسرح وطني يحاول أن يستلهم من التراث والتاريخ والحضارة العربية مادته الأولية. فتمت الاستعانة من تونس بالسيد عبد العزيز العقربي ومن مصر بالسيد محمد ماهر فهيم وبالممثل زين العشماوي. وقد استمر النشاط المسرحي يقدم عروضه المتنوعة ما بين مواضيع تاريخية ودينية واجتماعية. أسهم بالكتابة فيه مجموعة من المؤلفين والكتاب والمخرجين كالكاتب والمخرج الراحل مصطفى الأمير الذي كرس جل مواضيع مسرحياته في نقد المجتمع الليبي ولعاداته وتقاليده. وبرغم الظروف الصعبة فقد استمر المسرح في ليبيا في تقديم عروضه حتى بعد منتصف السبعينات من القرن الماضي. وعندما كان المسرح الليبي في أوج نشاطه كانت السينما في ليبيا لم تتفاعل بعد ولم تستفد من ذلك الحراك الثقافي والفكري الذي كان قائما قبل انقلاب سبتمبر 1969.
مشروع سينمائي غير واضح المعالم
في بداية السبعينات وحسب ما ذكره المخرج الراحل محمد علي الفرجاني فقد تم إنشاء إدارة تابعة لوزارة الإعلام سميت “بإدارة الإنتاج السينمائي” جهزت بمعدات سينمائية: آلات تصوير قاعة مونتاج وتوليف وتسجيل صوت.. كما تم إنشاء معمل متكامل لتحميض وطبع الأشرطة ” ابيض واسود ” وأستوديو للتركيب والتوليف كما تم خلال تلك الفترة أيضا محاولة إنتاج بعض الأعمال السينمائية[22] حملت عنوانين: “الطريق” و”عندما يقسو القدر”. بالإضافة إلى أعداد من المجلة المصورة، إلا أن هذه المحاولات لم ترق إلى المستوى الفني المطلوب كما إنها تفتقد إلى ابسط أبجديات الفيلم حسب رأي بعض النقاد.[23] ومع ذلك فقد تلاحق دعم المجال السينمائي في ليبيا خلال فترة السبعينات وتم بقرار وزاري تأسيس شركة للإنتاج السينمائي سميت ” بالمؤسسة العامة للخيالة ” وذلك بتاريخ 03/12/ 1973. في ذات الوقت حددت أهداف المؤسسة في مجموعة من النقاط منها: محاربة العادات والبدع السيئة والأمراض الاجتماعية ورفع مستوى فنون الخيالة من الفنيين والفنانين وتشجيع المواهب، الخ.[24] وحسب ما ذكره المخرج الراحل محمد الفرجاني في كتابه ” قصة الخيالة العربية الليبية “[25] فقد ضمت المؤسسة إليها كافة الإمكانات الفنية التي أنشئت سابقا وباشرت أعمالها بعد سنة من إنشاءها وكانت مهمتها توفير المزيد من الإمكانات والأجهزة الفنية الحديثة المستخدمة في صناعة السينما: فأوفدت مجموعة من العناصر للدراسة والتدريب في المجالات السينمائية المختلفة كإدارة المعامل والطبع والتحميض وهندسة الصوت والإخراج والتصوير وملحقاته.[26] قامت المؤسسة في سنة 1976 بدعم “جمعية هواة الخيالة” التي انظم إليها العديد من المهتمين ومحبي السينما[27]. وضمت إليها مجموعة من دور العرض في كل من طرابلس وبنغازي وبعض المدن الأخرى، إضافة إلى بعض المرافق التي أنشئت قبل ذلك لتشكل بنية تحتية قادرة على الإنتاج السينمائي والتوزيع. في ذات الوقت استعانت المؤسسة منذ بدايتها ببعض الفننين من مخرجين ومصورين ومستشارين في فنون السينما وبالتحديد من مصر وبعض دول أوربا الشرقية: (بلغاريا ويوغسلافيا سابقا). ومنذ تأسيسها بدأت في إنتاج الأشرطة الوثائقية والتسجيلية لقطاعات الدولة. وانكبت المؤسسة منذ البداية على توثيق المصانع والمشاريع التي أنشأتها الثورة وكان القصد منها بالدرجة الأولى هو الجانب الدعائي لثورة سبتمبر فحسب. [28] فقد كرست مؤسسة السينما كل جهدها في تنفيذ الأعمال الوثائقية والتسجيلية [29] التي تواصلت حتى مطلع التسعينات وحتى تصفيتها في سنة 2002. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يساهم بعض الرواد ولو بشكل بسيط في إنماء وتطوير الفن السينمائي إذا علمنا بان أحد هؤلاء المخضرمين وهو الراحل السيد فؤاد الكعبازي والذي عمل في مجال السينما عندما كان يدرس في ايطاليا، قام بتصميم ديكور لفيلم الايطالي بعنوان “الخيمة السوداء” بطولة صوفيا لورين ويعتبر ذلك مبادرة جريئة ومبكرة! كما أن بعض المغامرين من الشباب والذين أسسوا سنة 1968 ” اتحاد الهواة العربي الليبي السينمائي ” وأنجزوا بعض الأعمال التسجيلية من مقاس 8 مم كان يمكن لهم أن يكرروا المحاولة. إلا أن سياسة المؤسسة فيما بعد ومشكلة إنتاج وتمويل الأعمال الروائية كانت هي العائق الأساسي لأي إنتاج. إذا علمنا بان المؤسسة لم يكن لها دعم مالي سنوي لإنتاج أفلام روائية قصيرة أو متوسطة الطول. فالأفلام الوثائقية التي كانت تنتجها الشركة تمول بعد تنفيذها أي أن المؤسسة كانت تقوم بدور المنتج المنفذ.[30]
قد يسأل البعض لماذا لم تظهر سينما ليبية برغم هذا الدعم وهذا المشروع السينمائي الطموح إن جاز التعبير؟ إن المغامرة في إنتاج أفلام محلية باتت صعبة المنال ولأسباب عديدة. فالشركة العامة للخيالة أو المؤسسة العامة للخيالة كما كانت تسمى قد دخلت سريعا ومبكرا في الإنتاج السينمائي ” الروائي “. إذ استعانت في بداية السبعينيات من القرن الماضي بعناصر غير محلية أجنبية وعربية في مجالات الحرفية كالتصوير والإخراج. معتبرة أن الفن السينمائي لا يختلف عن غيره من الأعمال الإدارية الأخرى إذ يمكن الاستعانة بغير العنصر الليبي في تنفيذ أي عمل درامي. كان بعض السينمائيين الجدد المبتدئون يرون بان إخراج أفلام تسجيلية أو وثائقية هي مجرد مرحلة أولى تساعدهم في الوصول إلى صنع أفلام روائية.[31] في ذات الوقت وبين سنتي 1975/76 /77 لم تتوانى الشركة حديثة العهد بالدخول في الإنتاج المشترك وكانت بدايتها إنتاج فيلم ليبي-تونسي-فرنسي بعنوان “السفراء” وهو فيلما روائيا طويلا يحكي عن معانات العمال المهاجرين في فرنسا من إخراج ناصر القطاري. ويعتبر هذا الفيلم من الأعمال الجيدة التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما وقد حاز على إعجاب الجمهور باعتبار أن الفيلم يقدم موضوعا جديدا ويطرح إشكالية ومعاناة الهجرة. أما في الجانب الميلودرامي الغنائي فقد أنتجت المؤسسة فيلما بعنوان “الضوء الأخضر” من إخراج المغربي ع. المصباحي الذي شجعته المؤسسة فاخرج شريطا آخر بعنوان “أين تخبئون الشمس “[32]. والفيلمان عبارة عن ميلودراما على الطريقة المصرية أما الممثلون فهم خليط من ليبيا ومصر وتونس والمغرب و قد كتب الحوار بلهجة مصرية (ركيكة).
بعد هذه الأعمال التي تم إنتاجها مبكرا بعد سنتان من إنشاء المؤسسة العامة للخيالة وبعيدا عن الأجواء المحلية هذه التجارب الثلاثة في الإخراج، لم يجازف العدد القليل من الفنيين والمخرجين العاملين في السينما أو التلفزيون الذين استعانت بهم المؤسسة أن يخوضوا مجال الإخراج السينمائي الروائي. فاغلب الفنيين من مخرجين ومصورين لازالوا في طور التدريب والتعليم. كانت المؤسسة تنظر إلى أن العمل الروائي مكلف جدا كما انه يحتاج إلى خبرة ودراية بكل الحرفيات السينمائية فأوكلت إلى العدد البسيط من الفنيين مهمة تنفيذ أفلام وثائقية وهو أمر يتزامن مع معطيات الواقع والخطة التي رسمتها المؤسسة وهو توثيق الثورة الصناعية كما أطلق عليها آنذاك[33]. في نهاية السبعينات تم تبني إنتاج شريطين ذو تكلفة عالية وهما شريطي “عمر المختار والرسالة “، من إخراج وإنتاج المخرج الراحل مصطفى العقاد وإنتاج شركة فالكون. وقد قام بتنفيذ هذه الأعمال طاقم فني سينمائي أمريكي بالإضافة إلى وجود ممثلين عالميين مثل انطوني كوين وأولفر ريد وايرين باباس. وقد صورت مجموعة من المشاهد من شريط الرسالة في ليبيا والمغرب وتم إشراك مجموعة من الممثلين المحليين إلى جانب بعض نجوم الشاشة العربية مثل الممثل عبد الله غيث الذي يتقاسم الدور مع الممثل انطوني كوين في النسخة العربية. وكان شريط الرسالة بمثابة العمل الروائي المنتظر الذي يتعرض بالتفاصيل للحياة الجاهلية العربية بالخصوص قبل وبعد ظهور الإسلام. حاول العديد من المخرجين العرب ومنذ الخمسينات إبراز الجانب الديني وذلك بالتعرض إلى هامش السيرة وبدايات ظهور الإسلام. إلا أن الإخفاق كان نصيب تلك المحاولات بسبب تجاهل الجوانب التاريخية والاجتماعية للمجتمعات العربية القديمة. فإنتاج مثل هذه الأعمال كان يعتري اغلبها العديد من الإعاقات الفنية والسردية ناهيك عن خلل الأداء من قبل الممثلين الذين اختيروا بطريقة عشوائية وكانت اغلب المشاهد هو إظهار الجانب العسكري فيها. أما تأثير هذه الأفلام على السينما الليبية الناشئة فقد أدى إلى إقحام المؤسسة العامة للسينما في مغامرة الإنتاج الروائي. وكانت البداية مع إنتاج شريط مكلف عن الحرب الليبية الايطالية من خلال أحد المعارك التي خاضها المجاهدون الليبيون وهي معركة “تاقرفت“. فاستعانت الشركة ببعض المخرجين من التلفزيون وبعض العناصر الفنية من الشركة العامة للسينما الذين لا خبرة لهم ودمجهم معا لتنفيذ الفيلم كما قام بالإشراف على الإنتاج والتمويل إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية. والنتيجة عملا مرتجلا بكل المقاييس فموضوع العمل يركز على الجانب العسكري في اغلب مشاهده. وبرغم الهفوات التي سقط فيها الفيلم إلا انه يعتبر بادرة جيدة في الولوج إلى الفيلم الروائي وعالم الفن السابع على مستوى سينما محلية ناشئة. أما المحاولة الثانية في تاريخ المؤسسة العامة للسينما كانت إنتاج فيلم روائي مقتبس من الأدب الليبي وهو شريط “الشظية” الذي أنتج سنة 1985 بإمكانيات محلية وطاقم فني حديث عهد بالإنتاج السينمائي. اعتبر البعض بان شريط الشظية هو البداية ومغامرة حقيقية لسينما محلية. وعليه كانت الأغلبية من الفنيين ومسئولي المؤسسة تنتظر إنتاج المزيد من الأعمال الروائية لأفلام قصيرة وطويلة بعد أن بدا البعض يمارس التجربة السينمائية عمليا كل حسب مجاله. إلا أن الرياح لا تجري كما تشتهي السينما الليبية، فالكادر الفني العامل بالمؤسسة في بداية التسعينات لم يتغير بعد ولم يتطور وحسب آخر الإحصائيات.[34] بالمقابل وصل عدد الموظفين بالمؤسسة العامة للسينما إلى قرابة مائة وخمسون موظفا وموظفة في كل من مدينة طرابلس وبنغازي بما فيهم المشرفين والقائمين على دور العرض.[35]
النهاية السيئة
كما يحدث في بعض الأفلام العربية فان النهايات غالبا ما تكون سعيدة ويكافئ البطل والبطلة بالزواج فيصفق الجمهور فرحا معهم ويخرج من دار العرض مبتهجا. إلا انه في الشركة العامة للسينما الأمر لم يكن كذلك، في بداية الثمانينات أدى قرار النظام السابق بالزحف على الثوري على مؤسسات الدولة للقضاء النهائي على ما تبقى من النظام الإداري لفترة الحكم الملكي. فكان نصيب الشركة العامة للسينما كغيرها من المرافق العامة في البلاد آنذاك إذ تم الزحف عليها من قبل لجنة ثورية شكلت لإدارتها دون النظر في خصوصية عملها[36]. وبرغم إيهام الفنيين بالإنتاج وبداية جديدة للاستمرار في إنتاج أشرطة وثائقية وبعض الأعمال الروائية القصيرة وإحضار معمل ملون في نهاية الثمانينات، إلا أن ذلك لم يسعف الشركة ولم يساعد على الرفع من مستواها الفني[37]. فتم في النهاية دمجها مع شركة الخدمات الإعلامية. وحاولت الشركة الجديدة المدمجة أن تداري بعض الأخطاء الإدارية وإظهار رغبة في إنتاج أعمال سينمائية، فقامت بفتح دورات تدريب لفنون السينما لبعض العناصر محليا في مجالات الأعمال المعملية والصيانة وإرسال البعض الآخر إلى الدراسة في الخارج[38]. في هذه الأثناء كانت الشركة التي ولدت من المؤسسة العامة للسينما في نهاية السبعينات قد ورثت كما هائلا من الأخطاء المتراكمة التي لم تر الحل وتتفاقم يوما بعد يوم. في نهاية الأمر فقدت الشركة التمويل اللازم لها من الدولة بعد رفع عنها الدعم، فاعتمدت على مصادرها الخاصة من الإيرادات التي تأتيها من إنتاج الأشرطة الوثائقية والعروض السينمائية من دور العرض المختلفة بالبلاد. إلا أن سوء الإدارة جعلها تعجز حتى عن دفع مرتبات العدد الكبير من الموظفين[39] فتم إذا دمجها مع شركة أخرى هي شركة – الخدمات الإعلامية – وذلك لتوحيد الجهود من كلا الطرفين. إلا أن هذا الدمج لم يستمر إلا سنة واحدة من سنة 1989 إلى سنة 1990 وهي السنة التي الغي فيها الدمج وعادت الشركة إلى ما كانت عليه مستقلة عن الخدمات الإعلامية.[40] كما أن الأصول المنقولة للشركة العامة للسينما آنذاك خلال مرحلة الدمج هي أصول مالية بالدرجة الأولى لم تستفد منها شركة السينما خلال مرحلة الدمج بل تحولت اغلب عوائدها إلى دفع الفواتير والمكافآت المستحقة للعاملين بالتلفزيون وشركة الخدمات الإعلامية[41]. كان ذلك بمثابة ضربة قاتلة للمؤسسة اذ لم تستفد من الدمج، بل خسرت حتى عوائدها التي صرفت في سداد فواتير الخدمات الإعلامية. كانت الفترة التي تم فيها الدمج وانتهت بسرعة تعتبر قصيرة وهي فترة ضيقة لم تكن كافية حتى لمراجعة الأخطاء السابقة ووضع خطة مستقبلية وخارطة جديدة للإنتاج تكون منبثقة عن هذا الدمج الذي لم يستثمر لكلا الطرفين. فبعد حل الشركتين في بداية التسعينات دخلت الشركة العامة للسينما في العديد من المنعرجات والإخفاقات الإدارية والمالية بالخصوص وابتعدت كل البعد عن الرسالة التي أسست من اجلها. فقد أصبح الملاك الإداري عبئا على الإنتاج السينمائي ولم تقدم أية خطة جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه برغم وجود حسن النوايا لدى المسئولين الذين تداولوا على إدارتها وحتى تصفيتها نهائيا في سنة 2002.[42] وفي الفترة التي سبقت التصفية لم تقدم الشركة أي عمل ملموس او مواصلة المحاولة بإنتاج أشرطة روائية قصيرة بنفس الطريقة التي تم بها إنتاج شريط ” الشظية “.
في ذات الوقت كان حضور السينما الليبية في المهرجانات الدولية والعربية والإفريقية والتي يمثلها بعض من أطرها الفنية من مخرجين ومصورين وأيضا وموظفين في بعض الأحيان حضورا متواجدا في اغلب المناسبات لإمكانية الاستفادة من المشاركات والعروض والاطلاع على إنتاج الآخرين. حاولت شركة السينما في نهاية عهدها جاهدة كسب الوقت الضائع بعقد مهرجان الشريط النضالي بمدينة بنغازي في بداية التسعينات باستضافة بعض المخرجين من بعض الدول العربية للاستفادة من خبرتها وإمكانية الإنتاج مع القطاع الخاص في هذه الدول المشترك.[43] وفي هذا المجال تعاونت الشركة مع بعض المخرجين العرب لإنجاز أعمال مشتركة في المجال الأشرطة الوثائقية[44]. إلا أن هذه الاستعانة لم تستطع أن ترفع من المستوى الفني أو توقف الانحدار الشديد الذي انزلقت إليه الشركة في آخر أيامها. فقد دخلت السينما الليبية في منعطف سيء وفترة أكثر قتامة من السنوات السابقة خصوصا عندما توقف عنها الدعم من قبل الدولة وضعفت إيرادات دور العرض إلى أدنى حد بعد تغييرا دارتها قبل السقوط النهائي الذي استمر يترنح حتى سنة 2002. فالتغيير الإداري المستمر والذي يسيطر على هرم الشركة أصبح عاجزا عن تقديم أية خطة جديدة للإنتاج وغرقت الشركة السينمائية في الفشل والديون التي لها على الشركات ومؤسسات الدولة[45]…”وبدأت يوما بعد يوم تفقد الكثير من إيراداتها التي كانت تأتيها من إنتاج الأشرطة الوثائقية لصالح الجهات العامة وإيرادات دور العرض.[46] وسبب سوء الإدارة والتخطيط من جانب اللجنة المكلفة بتسييرها وصلت ديون الشركة إلى أكثر من مليون دينار ليبي.[47] فعجزت في النهاية حتى على دفع مرتبات. في سنة 2003 شكلت لجنة لتصفيتها وحلها نهائيا بقرار من اللجنة الشعبية العامة في النظام السابق.[48] ومن خلال ما تقدم نستطيع أن نلخص فشل المؤسسة العامة للسينما في النقاط التالية:
.1في فترة ما وقبل تصفية الشركة كان الملاك الإداري قد أصبح عبئا كبيرا على شركة السينما برغم التقليص في العديد من عناصرها الإدارية والذي طال حتى الذين استفادوا من دورات وبعثات في فنون السينما.
.2إن أغلبية الموفدين في بعثات دراسية وفي مختلف المهن السينمائية قد اختيروا بطريقة عشوائية عند بداية تأسيس مؤسسة السينما في السبعينات من القرن الماضي دون دراسة لمستوياتهم وميولهم الفنية حسب شهادة أحد الفنيين[49]. فهم ليسوا بخريجي معاهد فنية واغلبهم ليست لديه أية ميول أو رغبة في مجالات الفنون بل كانت الاستفادة بالدرجة الأولى إيجاد أي عمل ومحاولة الدخول في تجربة جديدة، كما أن البعض لا علاقة له أصلا بالفنون جميعا. إلا أن الشركة وهي في حالة استعجال لم تراع هذه الجوانب المهمة في اختيار الموفدين أو المرشحين. إذ كانت السياسة التي اتبعها مسئولي المؤسسة منذ بداية إنشائها هو الإسراع في تكوين اطر فنية تستطيع في المستقبل تحقيق الأمنيات والأهداف التي قامت من اجلها وإمكانية اللحاق أيضا بدول الجوار التي أصبح لديها إنتاج سينمائي على مستوى عال من الحرفية.[50]
.3 لم تقم مؤسسة السينما منذ بداية إنشائها أي خطة ثقافية أو بحثية للإنتاج الفكري المحلي والبيئة الاجتماعية المحلية التي يمكن أن يكون في المستقبل بداية دراسة ومشروع سينمائي للكتابات الليبية في مجال القصة والرواية وحافزا للمخرجين وكتاب السيناريو ونقل هذه الأعمال إلى الشاشة. نعلم جميعا كيف بدأت السينما المصرية خطواتها الأولى بإنتاج فيلم ” قبلة في الصحراء ” وفيلم ” ليلى ” اللذان كانا أكثر أفلام تلك الفترة اكتمالا، سواء أكان من الناحية الفنية أو من ناحية الوقت الذي تستغرقها مدة العرض لكل منهما حسب ما ذكره النقاد. وقبل هذين العملين سبقتها مجموعة من المحاولات هي أقرب إلى ” اسكتشات ” إلا أنها قصيرة الزمن. [51] وكان الأدب منذ البداية هو الرافد الأساسي والمعين الأول لدفع عجلة السينما إلى الأمام. كما أن السينما المصرية ارتبطت أيضا بالحركة الوطنية وارتباط هذه الحركة بالدعوة إلى تنمية الصناعات الوطنية واحتكاك مصر بالحضارة الغربية منذ وقت مبكر. كان اعتماد هذه السينما على المغامرين من الرواد الأوائل من المصريين والغربيين أولهم مدير بنك مصر الذي قام بتأسيس أستوديو مصر سنة 1935 من الأساسيات الايجابية التي تواصلت منذ ذلك الوقت، مع توافر الشروط الفنية والمالية التي انعكست على نهضة السينما المصرية منذ تلك الفترة. [52]
أما بالنسبة للسينما الليبية الناشئة والمتمثلة في المسئولين والذين كان يجب أن تستفيدوا من الأعمال العربية والأجنبية سلبياتها وإيجابيتها على حد سواء والاستفادة أيضا من المدارس السينمائية المختلفة، نجدهم على العكس يتجاهلون هذا الجانب المهم فسارعوا منذ البداية إلى توفير المعدات اللازمة لإنتاج الأشرطة السينمائية الوثائقية بمختلف الإحجام على اعتبار إنها لا تحتاج إلى كثير جهد. إلا انه حتى في مجال إخراج أشرطة وثائقية وتسجيلية فان عددا كبيرا من الأطر التي يمكن لها أن تنفذ هذا العمل هي في الحقيقة غير قادرة على تنفيذه، فقد استعانت المؤسسة العامة للخيالة في بداية عهدها ببعض الأطر الفنية العربية والأجنبية[53] من مصورين ومخرجين وكانت البداية أعداد مجموعة من الأفلام الوثائقية والتسجيلية المختلفة حول برامج الثورة.
.4أدى التخبط الإداري وتغيير رؤساء المؤسسة عديد المرات وأيضا تكدس العديد من الموظفين الذين لا يحمل اغلبهم أي مستوى دراسي أو فني، إلى الاستعانة بهم في مجالات الفن السابع كمساعد مصور أو كهربائي أو فني إضاءة مثلا. في ذات الوقت فشلت الشركة بسبب هيمنة الهيكل الإداري الذي تحول إلى إعاقة في رسم خطتها، فلم تستطع التوصل إلى خطة واضحة المعالم من شانها أن تساعد على قيام نهضة سينمائية تتماشى والإمكانيات المتاحة. كما أنها لم تستفد من الإخفاقات والتجارب السابقة في مجال الشريط الروائي، التي كانت نتيجتها الفشل الكامل. [54]
.5دخلت المؤسسة العامة للسينما مباشرة وبعد سنة من إنشاءها تقريبا (1974/75) في تنفيذ أعمال روائية مشتركة دون أن تتريث في رسم خطة إنتاج ذات طابع محلي.
.6الأطر الفنية من مخرجين سينمائيين ومصورين وكتاب سيناريو وغيرهم، أي الذين عادوا من دوراتهم ودراساتهم بالخارج، والتي في اغلبها اعتمدت على الجانب التقني دون غيره[55]، صادفتهم إشكالية في التنفيذ لأنه في الحقيقة كان ينقصم الجانب العملي ولم تكن لديهم رؤية واضحة لتنفيذ أعمال روائية قصيرة أو طويلة يمكن أن تكون بادرة إنتاج تتبناها المؤسسة وتشجعها. كما أن الدوافع المحفزة على إنتاج أي عمل لدى البعض أصبحت مع مرور الوقت في حكم النسيان. فأغلبهم لم يكن على دراية بما كتب حول السينما من قبل المنظرين الأوائل في العالم ومن نقاد وتيارات ومدارس سينمائية عالمية أثرت الفن السابع طيلة قرن من الزمان. فمنذ البداية انهمكت المؤسسة وانشغلت بتنفيذ الأفلام الوثائقية كما إنها لم تطرح أية خطة تمويلية من شانها أن تدعم أي إنتاج طموح[56]. ففي مدة عمرها والتي تواصلت لأكثر من خمس وعشرين سنة تجاهل النظام المؤسسة العامة للسينما ولم يدعم أي عمل ماعدا شريطين روائيين هما “معركة تاقرفت” وشريط “الشظية“. الأول تم إنتاجه من قبل إدارة التوجيه المعنوي واللجنة الإدارية للإعلام الثوري. أما الفيلم الثاني والأخير فقد أنتجته المؤسسة العامة للسينما بإيراداتها الذاتية.[57] فقد تم إنتاجه بعد العديد من المحاولات والمطالبة من قبل إدارة الإنتاج التي كانت ترى بان تنفيذ فيلم روائي سيصب في صالح تاريخ الشركة ويدعم مكانتها.[58] كما حازت القصة على رضا العديد من المهتمين باعتبارها عملا أدبيا مميزا يناقش مشكلة الألغام التي زرعت إبان الحرب العالمية الثانية، ثم أنها محاولة لنقل الأدب الليبي إلى الشاشة لأول مرة. وبرغم بعض أخطاء الفيلم الفنية إلا أنه يعتبر بادرة تشجع على تكرار المحاولة. بعد عرضه حاز الفيلم على استحسان النقاد في مهرجان دمشق السينمائي الدولي. وقد شجع هذا النجاح المتواضع لفيلم “الشظية” المؤسسة لتكرار المحاولة مع فيلم آخر وذلك بالاقتباس من الأدب الليبي أيضا حمل عنوان “الحب في الأزقة الضيقة“، إلا أن مخرج الفيلم لم يستطع استكمال الشريط وتم وقف تنفيذ المشروع بعد قرابة السنة من بدء الانتاج لأسباب إدارية وفنية.
خاتمــــــــة
إذا عدنا إلى الوراء في بداية السبعينات ونظرنا إلى هذا القطاع المهم الذي أنشأته الدولة الا وهو – المؤسسة العامة للخيالة – كما كان يطلق عليها وبقرار وزاري، فقد كان يفترض في هذا القطاع أن يقوم بالإنتاج من الوهلة الأولى وبدون وجود بنية تحتية. كان البعض من دفعته الحمية والغيرة لتأسيس شركة إنتاج سينمائي يرى أن القرار في حد ذاته كفيل بان يجعل ليبيا من الدول المنتجة للأفلام مثل بقية جيرانها على اقل تقدير. فالحماس الذي أظهره المسئولون منذ البداية بدأ يخبو شيئا فشيئا حينما اصطدمت هذه القرارات بالواقع. [59] فالدعم المادي وهو العنصر المهم في دفع عجلة الإنتاج توقف من جانب الدولة الراعية لهذا القطاع بعد فترة وجيزة من عمر المؤسسة قبل أن تستكمل بناية أطقمها الفنية. [60] أما بالنسبة إلى دور العرض التي بني عليها المسئولون فرضياتهم بأنها يمكن أن تكون داعما رئيسيا للمؤسسة فإننا أيضا ومن خلال ما جاء في الإحصائيات نجد بان عددها في ليبيا منذ فجر الاستقلال وحتى سنة 1966 بلغ قرابة (30) ثلاثون دار عرض، جزءا كبيرا من هذه الدور تعرض أفلاما مصرية وايطالية، تنوعت بين الأفلام المغامرات وأفلام الغرب الأمريكي-الايطالي والأفلام الهندية، وهناك أيضا عددا من هذه الدور تعرض أفلاما أجنبية دون ترجمة[61]. وقد تضاعف العدد في سنة 1980 ليصبح أكثر من ستين دار عرض موزعة بين المدن الكبيرة والصغيرة. إلا أنها لم تساهم بأي شكل من الأشكال في التوعية أو التثقيف السينمائي وذلك في غياب كامل للأندية والجمعيات السينمائية التي يمكن أن تسهم هي الأخرى إلى حد ما في خلق ثقافة سينمائية وهواة ومهتمين بالفن السابع والفنون جميعا. عندما رأى المسئولون في المؤسسة بأنه لابد من وجود جمعيات لهواة السينما على غرار الجمعيات والنوادي السينمائية التي انتشرت في البلدان العربية. تم في سنة 1976 إنشاء جمعية هواة السينما والتي تركز نشاطها في بادئ الأمر على إعطاء بعض المعلومات وندوات حول التصوير الفوتوغرافي وقد الحق بالنادي معمل صغير للتدريب على أعمال التحميض والطبع وعرض بعض الأفلام التسجيلية من حين لآخر[62]. لكن النادي توقف بعد سنة من افتتاحه على إثر قرار الدولة حضر الأندية والجمعيات الثقافية والرياضية. في نفس السنة تم تنظيم أسبوع للفيلم الجزائري بمدينة طرابلس عرضت فيه مجموعة من الأفلام القصيرة والطويلة تنوعت بين أفلام حرب التحرير وأفلام ما بعد الاستقلال.
نموذج لسينما جديدة
كان الغرض من عرض هذه الأفلام هو إعطاء فكرة عن نموذج من سينما عربية ملتزمة ولدت في أحضان المقاومة بجبال الأوراس وفي ظروف صعبة خلال حرب التحرير بالجزائر من سنة 1957.[63] وقد مهد لها في البداية المخرج الفرنسي رينيه فوتييه مع رفاق له ملتزمين بحقوق ونضال الشعب الجزائري. فأسس مدرسة تكوين الأطر السينمائية في مدة قصيرة لا تتعدى الأربعة أشهر. قام خلالها المنتمون لهذه المدرسة بإخراج مجموعة من الأفلام القصيرة. كانت الظروف التي ولدت فيها السينما الجزائرية هي غير الظروف التي تأسست فيها السينما الليبية. حيث كان يمكن لهذه السينما الوليدة أن لا يكتب لها النجاح في ظل وجود المستعمر كما أن هذه النواة الأولى التي تبنت توثيق حرب التحرير كان يمكن لها أيضا أن تفشل لوجود العديد من العوائق. في ذات الوقت تم تأسيس المركب السمعي البصري “ببن عكنون” والذي يديره فوتيي البداية الأولى إخراج مجموعة من الأفلام الوثائقية أولها فيلم: “جزائرنا” سنة 1959 الذي أصبح يسمى بعد ذلك ” بصوت الشعب ” وهو شريط مونتاج مأخوذ من الجرائد المصورة يحكي قصة الجزائر وصراعها مع الاستعمار قبل اندلاع حرب التحرير. الفيلم من إخراج شندرلي ومحمد الأخضر حامينا بالتعاون مع ريني فوتيي[64]. كان الثقل الاستعماري في الجزائر شديدا فقد هيمن على شكل الحياة العامة وبدأت الجزائر كمستعمرة أولى بل جزءا لا يتجزأ من فرنسا. في ذات الوقت كانت الكتابات الأدبية الفرنسية المتعصبة قد سبقت السينما للتغذي من المجد الاستعماري حيث طرحت أفكار مثل “إفريقيا اللاتينية” و “دم السلالات” لوي بيرتران 1899. ثم انضمت السينما لتطرح نفس الأفكار في شكل أفلام كاركاتورية في البداية حول فكرة بدأها المخرج جورج ميلييز منذ فجر السينما بفيلمه: “المسلم الهزلي” سنة 1897[65]. بالمقابل استطاع الأدب الجزائري الملتزم بالكتابة بنفس اللغة يفند نمطية الصورة السيئة بما فيها السينمائية والأدبية حول المجتمع الجزائري الذي ينتمون إليه.[66]
ومع بداية حرب التحرير توالت الأشرطة بعد هذه الفترة مسطرة نضال الشعب الجزائري في أسمى معانيه وبعناوين ومواضيع شتى: ياسمينة، رياح الاوراس، فجر المعذبين، الأفيون والعصا، معركة الجزائر، وقائع سنين الجمر، الخ.[67] بعد الاستقلال تناولت السينما الجزائرية إشكاليات الهجرة والظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطن الجزائري.[68]
بعد الاستقلال التفتت السينما الجزائرية إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن الجزائري. كانت المرحلة الأولى ممثلة في موجة من أفلام حرب التحرير أما في المرحلة الثانية كان للسينمائيين دور آخر في المجتمع الجديد اذ التفتت السينما الجزائرية إلى الزمن الحاضر. وكان الدافع لذلك إعلان الثورة الزراعية في نهاية الستينات فتغيرت اللغة السينمائية من نضال المستعمر إلى النضال الاجتماعي والثقافي في الدولة الحديثة. فأطلق على هذه المرحلة “بالسينما الجديد” والتي بدأت ثمراتها تظهر إلى حيز الوجود بدءا من سنة 1967 واستمرت بعد الثمانينات. كان يمكن للسينما اللبيبة أن تستفيد من بدايات السينما الجزائرية سواء أكان المستوى التقني أو الموضوعي. إلا أن إشكالية التعبير عن طريق السينما لاقت قصورا ولم تفلح كل المحاولات للنهوض بهذا القطاع الحيوي ولأكثر من خمس وعشرون سنة. وقد حاولت منذ إنشاءها الدخول في الإنتاج المشترك مع بعض الدول العربية كما أسلفنا إلا أن المواضيع التي طرحت كانت بعيدة كل البعد عن المجتمع الليبي فهي متأثرة إلى حد بعيد بالميلودراما المصرية، فقد هيمن على هذه الأعمال الجانب الدعائي والسياحي.
خلال مهرجان الفيلم النضالي الذي نضم في مدينة بنغازي سنة 1991/9219 عرضت بهذه المناسبة مجموعة من الأعمال العربية وحلقات نقاش. وقد حضر لهذه المناسبة بعض المخرجين والممثلين من مصر وتونس: احمد بدرخان أمينة رزق فردوس عبد الحميد من مصر وإبراهيم باباي والهادي خليل من تونس، حضر المهرجان القصير ايضا مجموعة من الممثلين والمخرجين والمهتمين في مجال السينما بليبيا. وبرغم هذه النشاطات والمهرجانات الداخلية والخارجية لم تستطع المؤسسة العامة للسينما ولا الشركة العامة للسينما برغم مسيرتها الطويلة من خلق مناخ ثقافي سينمائي وقاعدة فنية سينمائية برغم الإمكانيات التي وضقت لها في بادئ الأمر. فالخلل إذا في عدم تطور النشاط السينمائي ساهم فيه الجميع. فلم تكن الدولة وحدها من تخلى على هذا المرفق الهام بل أيضا العاملين فيه وبشكل كبير ومباشر. فقد ضمت المؤسسة العامة للسينما ومنذ طيلة مسيرتها وحتى نهايتها عداد كبيرة من الموظفين سيطرت على اغلب الملاك الوظيفي بالسينما الليبية منذ إنشاءها. والتحق بها من ليس منها وأصبح محسوبا عليها في الميزانية والمرتب والصعود في السلك الوظيفي حتى أصبح له الحق في حضور المهرجانات السينمائية. أما الكادر الفني المعني بالأمر والذي أنشئت من اجله مؤسسة السينما فقد كان ضئيلا أمام العدد الهائل من الموظفين والذين لا علاقة لهم بالفن السابع والفنون الأخرى. في ذات الوقت فشلت المؤسسة في استيعاب الممثلين العاملين بالمسرح والتلفزيون والذين يمكن ان يساهموا في نهضة سينمائية مع مرور الوقت. فإذا أضفنا أيضا لهذه المسببات العامل الاجتماعي والقبلي-الديني ونظرة المجتمع الليبي للسينما نجد إننا في حاجة كبيرة إلى إعادة نظر للمشروع السينمائي برمته. وفي هذا الخصوص فان صورة المرأة الليبية على الشاشة أو الفن بصفة عامة يلقى معارضة كبيرة في مجتمع تتحكم فيه العادات والتقاليد.
أضف إلى هذه العوامل عامل قلة الكوادر والإمكانيات واطر غير قادرة على مواجهة الواقع ولا تملك أية رؤية يمكن أن تساعدها في طرح مواضيع اجتماعية تنقلها إلى الشاشة. أما المشكلة الأخرى فهي التأرجح بين الاختلاف في الرأي والاجتهاد كون السينما فنا يجب أن يعتبر جزءا من ثقافة الدولة كالإذاعة والتلفزيون والصحافة، ومرآة تعكس تطلعات المجتمع وطموحاته، فتنقله في شكل أفلام إلى المجتمعات الأخرى. لعل هذه اغلب النقاط المهمة التي أردت إبرازها محاولا التوصل إلى الأسباب الرئيسية في فشل وإنهاء السينما الليبية لمدة تزيد عن تسع وعشرون سنة.
المـراجع
الحلقة الدراسية في مجال كتابة السيناريو، إشراف الشركة العامة للخيالة، المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان الطبعة الأولى، بنغازي، 1986.
البوصيري عبد الله، المسرح في العهد التركي، مجلة السينما والمسرح، عدد 10، نشر الشركة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس، 1991.
المهدي ابو قرين، تاريخ المسرح في ليبيا، كتاب الشعب، الشركة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس ليبيا، 1978.
الهوية القومية في السينما العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، جامعة الدول العربية، بيروت،1986 .
بشير محمد عريبي، الفن والمسرح في ليبيا، نشر الدار العربية للكتاب تونس، طرابلس، 1987.
جان الكسان، السينما في الوطن العربي، المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1982.
محمد علي الفرجاني، قصة الخيالة الليبية، منشورات الشكة العامة للخيالة، الطبعة الأولى طرابلس 1996.
عبد الله محمد اطبيقة، الخيالة في ليبيا، نشر جامعة سرت، ليبيا، الطبعة الأولى، 2009.
محمد الأسطى، ورقات مطوية، الشركة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس، .1983
محمد الفرجاني، قصة الخيالة في ليبيا، منشورات الشركة العامة للخيالة، طرابلس، 1996.
Bernet Edmond, En Tripolitaine, voyage à Ghadamès, Paris, Ed. Fontemoing, 1912.
Boudjedra Rachid, Naissance du cinéma Algérien, Paris, Ed. François Maspero, 1971.
Dallet Sylvie (dir.), Guerres révolutionnaires, Histoire et cinéma, L’Harmattan–Publications de la Sorbonne, 1984
Maherzi Lotfi, Le cinéma algérien. Institutions, imaginaire, idéologie. Alger, sned, 1980.
Les cinémas arabes (dossier réuni par Mouny Berrah, Jacques Lévy et Claude-Michel Cluny), CinémAction, n°43 ,1987.
[1] – جاء على لسان أحد الأخوين لوميير بعد العروض الأولى لآلتهما السينما توغراف وتكرار بعض الصور المتحركة لبعض الرحلات والحياة العامة بباريس بان ” السينما أو السينما توغراف لن يكون لها مستقبل باهر فما هي إلا مجرد تسلية لا غير! ” إلا أن أعمال المخرج الفرنسي ميلييز التي جاءت بعد ذلك أثبتت العكس.
[2] – محمد علي الفر جاني. قصة الخيالة العربية الليبية. منشورات الشركة العامة للخيالة…طرابلس 1996. ص. 15
[3] – يذكر الممثل المسرحي ومؤلف كتاب (الفن والمسرح في ليبيا) البشير محمد عريبي ونقلا السيد عبد السلام ادهم المترجم بدار المخطوطات التاريخية بطرابلس بان أقدم دار عرض سينمائي هي دار عرض” الكريتلي “،.فيقول: “) … (تقع هذه الدار جنب مبنى نادي الضباط الأتراك بشارع البلدية في الوقت الحالي. ففي سنة 1908 شيد رجل من جزيرة كريت محلا فسيحا بعد أن حصل على رخصة بذلك من البلدية وجلب آلة عرض الأشرطة. وأقام بداخل المحل شاشة بيضاء واخذ في عرض الأشرطة. فوقع الإقبال على أشرطة الخيالة من طرف الموسرين من الشباب الطرابلسي والضباط والأجانب واليهود. كما ان قوس ماركوس اورليوس الأثري الواقع بباب البحر قد استعمل هو الآخر كمحلا لعرض الأشرطة السينمائية في العهد التركي وبقي كذلك حتى سنة 1911. في سنة 1909 تم استحداث داران أخريان: الأولى بميدان سوق الخبزة (ميدان الشهداء حاليا) وقد شيد على أرضها مسرح الحمراء فيما بعد والثانية بشارع ريكاردو ” 24 ديسمبر إلا أنها هدمت فيما بعد. البشير محمد عريبي: الفن والمسرح في ليبيا. نشر الدار العربية للكتاب / ليبيا تونس 1981 327ص.ص79
[4] – ادموند بيرناي مكلف بمهمة علمية في طرابلس (رحلة إلى غدامس) باريس 1912. ص 11
[5] – البوصيري عبد الله ” المسرح في العهد التركي “. مجلة السينما والمسرح العدد 10. نشر الشركة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس ليبيا 1991. ص6.
[6] – تأسست مدرسة الفنون والصنائع في نهاية العهد العثماني الثاني في عهد الوالي نامق باشا سنة 1899 وبتبرعات من الأهالي. كما ألحقت بها مطبعة أطلق عليها ” مطبعة الفنون والصنائع “، وكانت تطبع بها جريدة: طرابلس الغرب، الكشاف، تعميم حريت، وغيرها عبد العزيز الصويعي المطابع والمطبوعات الليبية قبل الاحتلال الايطالي.المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان طرابلس 1985. ص 66.
* خلال فترة الاحتلال الايطالي استولى الجيش على المدرسة مستخدما إياها كثكنة عسكرية وصادر ممتلكاتها واستعملها معتقلا للشيوخ والأطفال والنساء وقتل البعض منهم في باحة المدرسة، كما بيعت مطبعتها وتحولت إلى ملكية شخص ايطالي وسميت بمطبعة ماجي مرجع سابق 66-67.
* أراد النظام المنهار ترميم المدرسة الفنون والصنائع بعد سنين من الإهمال فهدمت بالكامل عدى واجهتها التي تطل على شارع 24 ديسمبر. وبسبب بطء التنفيذ وعند اندلاع ثورة 17 فبراير تخلت الشركة المنفذة عن متابعة أعمال الصيانة وبقيت لحد الآن تنتظر من الدولة المبادرة باستكمال تنفيذها. ساهمت هذه المدرسة منذ إنشاءها في نهاية القرن التاسع عشر والى حد بعيد في إثراء المشهد الثقافي الليبي في المسرح والموسيقى والفنون الجميلة وبقية الحرف المهنية الأخرى، فتخرج منها العديد من الرواد تركوا أثرا خالدا في تاريخ ليبيا الفكري والأدبي.
[7] – النادي الأدبي تم تأسيسه سنة 1920. إلا انه لم يستمر طويلا فتم إغلاقه من قبل السلطات الايطالية سنة 1926 ثم أعيد فتحه سنة 1943. من بين المؤسسين لهذا النادي الشاعر احمد قنابة وجمال الدين الميلادي. الصيد ابوذيب احمد قنابة دراسة وديوان. الشركة الليبية للنشر والطباعة طرابلس ليبيا 1968.ص.20
[8] – قصة الخيالة العربية الليبية مرجع سابق، ص. 19.
[9] – مرجع سابق، ص.21.
[10] – مرجع سابق، ص..22
[11] -بشير محمد عريبي مرجع سابق ص. 96
[12] – هـ.س. كلا وبر (مرتفعات آلهات الجمال) ترجمة أنيس زكي حسين، دار الفر جاني الطبعة الأولى مايو 1897 طرابلس ليبيا. ص.33.
[13] – محمد الأسطى، ورقات مطوية. الشركة العامة للنشر والتوزيع العدد رقم 10 طرابلس ليبيا 1983 ص.22
[14] -الهوية القومية في السينما العربية، جامعة الأمم المتحدة. إعداد: كمال رمزي، سمير فريد عدنان، مدانات وهاشم النحاس. إشراف عبد المنعم تليمة. مركز دراسات الوحدة العربية بيروت لبنان 1986 ص. 119
[15] – من بين أعماله المتواضعة التي ذكرها في كتابه: قصة الخيالة العربية الليبية، فيلم (صائد الحوت)، حيث يقول انه تعرض للتلف عند تحميضه بالخارج. مرجع سابق ص.25
[16] – راجع قائمة بأسماء الأفلام الوثائقية المنتجة في كتاب قصة الخيالة الليبية لمحمد الفرجاني مرجع سابق ص. 51 إلى ص 54.
في هذا الصدد يورد مدير ندوة مهرجان الفيلم الوثائقي العربي بمعهد العالم العربي بباريس وليد شميط بخصوص الفيلم التسجيلي، بأنه تأسس في أواسط الستينات وبالتحديد في سنة 1964 ببيروت مركز التنسيق العربي للسينما والتلفزيون. ونظم المركز في السنوات 64،65،66، 67 وتحت رعاية اليونسكو سلسلة مؤتمرات حول السينما والثقافة العربية توقفوا فيها مليا حول التعاون العربي في ميدان السينما، وأوصوا بإنتاج أفلام تثقيفية وتعليمية لاستعمالها في أغراض التعليم والتثقيف والتوعية. إلا أن المشروع توقف ولم يتمخض سوى عن إنتاج شريط وثائقي عن الطب عند العرب سنة 1965.
* في أواسط السبعينات تم تكرار التجربة وذلك بالحاجة إلى العمل العربي المشترك في مجال السينما فعقد مندوبون من مجموعة دول عربية ضمت كل من: الأردن، تونس، الجزائر، السودان، العراق، سوريا، الكويت، السعودية، لبنان، ليبيا والمغرب قدموا مشروعا إنشاء الهيئة السينمائية العربية المشتركة وبرأسمال قدره ثلاثة ملايين جنيه إسترليني. كان الغرض من المشروع هو خدمة القضايا العربية وتمويل وتوزيع الأفلام السينمائية والتلفزيونية المشتركة الطويلة والقصيرة. إلا أن المشروع بقي مجرد مشروع دون تنفيذ. في سنة 1975 تأسيس ” اتحاد السينمائيين التسجيليين العرب“، الذي ناد بإقامة سينما ثورية ترتبط بحركة الثورة في العالم العربي وتساهم في خلق ثقافة عربية متفتحة على كل ما هو عربي أصيل وإنساني وتقدمي. وقد طحت في هذا الملتقى إقامة سينما نضالية وثورية وسياسية مستلهمين شعاراتها من مهرجان (ليبزغ) ودور السينما التسجيلية وارتباطها بحركة التغيير.
[17] – من أعماله أيضا: لن تغرب الشمس عن مدينتي 1973 بمناسبة مرور 100 سنة على بلدية طرابلس. وهزيمة الظلام 1974. السيرة الذاتية لبائع السجائر1981 ثم معزوفة المطر 1994. يذكر نفس المخرج انه في سنة 1968 تم تأسيس اتحاد هواة السينما العربي الليبي ومقرة بفرقة المسرح الليبي التي ينتمي إليها المخرج. وهو أول اتحاد مهني يتم بمجال الخيالة. وقد ضم النادي مجموعة من العاملين بالمسرح كهواة مستخدمين كاميرا هواة من نوع سوبر 8 مم في تصوير بعض أعمالهم. وقد حاول هذا الاتحاد أن ينضم إلى مهرجان الهواة بمدينة قليبية بتونس. عبد الله محمد طبيقة / الخيالة في ليبيا منشورات جامعة سرت طبعة أولى 2009 صفحة 171 ص.78
[18] -راجع مجلة مركز دراسات الوحدة العربية في عددها الخاص حول: الهوية القومية في السينما العربية والتي تشرف عليها جامعة الأمم المتحدة أعدها: كمال رمزي، عدنان مدانات، سمير فريد، هاشم النحاس. إشراف عبد المنعم تليمة، نشر مركز دراسات الوحدة العربية بيروت لبنان 1986 ص 13 إلى ص.89
[19] – المهدي ابوقرين تاريخ المسرح في ليبيا. كتاب الشعب 9. الشركة العامة للنشر والتوزيع طرابلس ليبيا 1978 ص 26،27
[20]– تولى رئاسة النادي الشاعر احمد قنابة (1898-1968) وأول عمل قدمته الفرقة: “من كان في نعمة ولم يشكر، وكل السبب منك“. الفن والمسرح في ليبيا. مرجع سابق ص. 249.
[21]– زارت ليبيا العديد من الفرق المسرحية. منها فرقة رمسيس التي أسسها عميد المسرح العربي المؤلف والممثل يوسف وهبي سنة 1919 وقدم على مسرح البوليتياما مسرحية ” غرام وانتقام ” سنة 1927. إلا أن الحاكم العسكري الايطالي قام بطرد الفرقة. بعد الاستقلال وبالتحديد سنة 1954 عادت فرقة ” رمسيس ” الى ليبيا قادمة من تونس وبقيت الفرقة تعرض مسرحياتها قرابة خمسة أيام قدمت خلالها مجموعة من العروض: منها: بنات الريف، زوجاتنا، بيومي افتدي، راسبوتين… مع نخبة من الممثلين: شفيق نور الدين، علي رشدي، لطفي الحكيم، برلنتي عبد الحميد، إحسان الشريف… في ذات الوقت قدمت إلى ليبيا بالتوازي مجموعة من الفرق الغنائية والمسرحية منها فرقة سلطانة الطرب منيرة المهدية سنة 1934 وقدمت سهراتها الغنائية على مسرح “ الميراماري “. كما قدمت فرقة بديعة مصابني رفقة المطربة الكبيرة ” نادرة “. وكان الإقبال على الفرقتين كبيرا من قبل الجمهور الذي استمتع بالغناء والعروض المسرحية. كما زارت أيضا فرقة ” ببا عزالدين ” سنة 1937 وفرقة “فاطمة رشدي ” سنة 1938 ” وشافية رشدي ” سنة 1949. ثم جاءت فرق أخرى من السودان ومن ايطاليا. في ذات الوقت قدمت فرقة أمريكية مسرحية ” حلم ليلة صيف ” لشكسبير “. وقدمت من تونس فرقة هناء راشد وفرقة الخضراء وقدمتا عدة حفلات بقيادة الموسيقي (قدور الصرارفي). المسرح في ليبيا. مرجع سابق ص26.
[22] -في لقاء مع المخرج (ص.ن) كان يعمل بالمؤسسة العامة للخيالة ذكر لي بأنه قبل إنشاء المؤسسة تم تدريب مجموعة من الفنيين وعددهم ثلاثة في مجال التصوير والإخراج بالنقطة الرابعة وذلك لتنفيذ سلسلة المجلة المصورة.
[23] – بعض المحاولات السينمائية لم تر النور وماتت في مهدها لأسباب فنية. راجع كتاب محمد الفرجاني ” قصة الخيالة في ليبيا ” ص. 85، 86. – في هذا الصدد يذكر مؤلف الخيالة الليبية في لقاءه مع من عايش تلك المرحلة بأنه حدثت محاولات لإنتاج أشرطة روائية إلا أنها فشلت ولم تبرز إلى حيز الوجود – من بين هذه الأعمال وإنتاج إدارة الإنتاج السينمائي وتنفيذ المخرج المصري عبد الله بركات والتي لم تستكمل من قبل المخرج : دارت الأيام، أيام وليالي ورسالة من ليبيا. كما قامت شركة الإنتاج والإعلان السينمائي التي أسسها علي الهلودي بإنتاج شريطين إلا إنهما لم يستكملا أيضا: رسالة لم تصل وثورة في الصدور. مرجع سابق الخيالة في ليبيا ص. 78،79.
[24] – محمد الفرجاني قصة الخيالة العربية الليبية ص 30
[25] – كتاب ” قصة الخيالة العربية الليبية ” لمؤلفه محمد الفرجاني، منشورات الشركة العامة للخيالة الطبعة الأولى 1996، فبالرغم من أن الكتاب تنقصه العديد من المراجع والاستشهادات العلمية، إلا انه يعتبر المرجع الوحيد عن السينما في ليبيا. فقد قام الكاتب بمجهود ه الذاتي باعتباره أحد الرواد الأوائل في مجال السينمائي. فجمع مادة تاريخية حول ما قراه عن السينما في ليبيا منذ بداية الاستعمار الايطالي وبداية ظهور دور العرض في البلاد. بالإضافة إلى معايشته لكل إشكاليات الإخراج والإنتاج والتي كان شاهدا عليها ومن خلال عمله كمخرج سينمائي في إدارة الإنتاج السينمائي بوزارة الإعلام في العهد الملكي ثم أخيرا عمله كمخرج بالمؤسسة العامة للسينما التي التحق بها مبكرا سنة 1973 وحتى وفاته في سنة 1992.
[26]– ذكر لي نفس المخرج (ص.ن) بان مؤسسة السينما في بدايتها كانت تريد تكوين بنية تحتية وطاقم فني بأسرع وقت ممكن فقامت بإيفاد كل من تقدم بطلبه للدراسة في مجال السينما إلى كل من الدول التالية: تونس، الولايات المتحدة، يوغوسلافيا، بريطانيا، فرنسا، ايطاليا ومصر. وتنوعت البعثة بين الدراسة والدورة التدريبية. وكان اغلب المتقدين موظفون تابعين لوزارة الإعلام وحائزين على الشهادة الثانوية والبعض الآخر كان يعمل بالمسرح إلا انه أبدى استعداده لدراسة السينما حسبما ذكره لي المخرج (ص.ن). مقابلة بتاريخ / 11/03 /2014.
[27] – تم تجهيز حجرة لتحميض وطبع الصور الفوتوغرافية التي يقوم بها بعض الهواة. كما زودت مؤسسة الخيالة الجمعية بآلة عرض مقاس 16 مم مساهمة وتشجيعا لها. إلا أن الجمعية أغلقت بعد سنة تقريبا من إنشاءها بعد صدور قرار من مجلس قيادة الثورة بحضر إقامة الجمعيات والنوادي الثقافية والفكرية بكل أشكالها. وعليه أوقفت الجمعية نشاطها بناءا على هذا القرار.
[28] – وصل عدد الأشرطة الوثائقية التي أنتجتها المؤسسة وحتى تاريخ تصفيتها وحسبما ذكره المخرج محمد الفرجاني قرابة الأربعمائة شريط مرجع سابق ص.51-79.
[29] -اغلب الأفلام الوثائقية التي تم تنفيذها منذ بداية إنشاء المؤسسة العامة للسينما كانت فقط لتوثيق منجزات الثورة كما كانت تسمى. ولا تحمل أي مضمون فني أو علمي. فقط لتوثيق مصنع أو معمل أو مشروع دعائي للثورة.
[30] – في لقاء مع أحد المخرجين لمجموعة من الأفلام الوثائقية بالمؤسسة العامة للخيالة في منتصف السبعينات (غ. ش) ذكر لي في هذا الخصوص بان الدولة سمحت للمؤسسة بالتعاقد مع الشركات والمؤسسات الحكومية لإنجاز أشرطة وثائقية تواكب تطلعات الدولة في كل المجالات: كالتعليم والصحة والكهرباء والزراعة…الخ وذلك نظير مبالغ مالية مرضية لكل الطرفين. كما ذكر لي بان الدولة ومنذ إنشاء المؤسسة سمحت بدعمها ماديا بمبلغ وقدره 250.000 ألف دينار سنوي لتدريب وتطوير الأطر الفنية وشراء المستلزمات اللازمة لتنفيذ برامجها. استمر هذا الدعم حتى سنة 1978.
[31] -Festival image du monde arabe (FIM). Walid Chmit, Institut du monde arabe, 6-10 octobre 1993, p.117
[32] – محمد الفرجاني مرجع سابق.ص.82،83. لم يكن إنتاج الفيلم وتغطيته من الناحية المالية فقط بل أمدته المؤسسة بالفيلم الخام وآلات الإضاءة والتصوير وسهلت له كل عمليات التصوير داخل البلاد. ساهمت المؤسسة إلى جانب إنتاجها للفيلم باثنين من عناصرها من ضمن الطاقم الفني: أحدهما مساعد مخرج والآخر مساعد تصوير، أما بقية الأطقم الفنية عدى المخرج فأغلبهم من مصر.
[33] -لم يعتبر النظام السابق بان الفيلم الوثائقي أو التسجيلي هو وثيقة جد هامة. فهو وسيلة لنقل المعرفة ووسيلة من وسائل التعبير والتقارب بين الشعوب. فلم تستطع دول شمال إفريقيا (ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب) ان تحذو حذو دول مجلس التعاون الخليجي والذي يضم: السعودية، الكويت، عمان، قطر، البحرين والإمارات العربية المتحدة في بداية السبعينات والتي كانت تشكل تجربة فريدة في هذا المجال وذلك بان أرست قواعد للإنتاج المشترك بين البلدان الخليجية يقوم في معظمه على إنتاج الأفلام والبرامج التربوية والتعليمية. فباستثناء هذه التجربة الفريدة فان التعاون بين البلدان العربية في صناعة السينما عموما والسينما التسجيلية بشكل خاص يكاد يكون معدوما. فبرغم أن ليبيا كانت في اشد الحاجة للاستعانة بالخبرات العربية في هذا المجال إلا إنها أرادت أن تخوض التجربة لوحدها وبخبراتها المحدودة.
[34] – من خلال الإحصائيات تبين انه بعد سنة 2002 وهي السنة التي تمت فيها تصفية الشركة العامة للسينما أي بعد قرابة 29 تسع وعشرون سنة من إنشاءها وبعد العديد من الدورات والبعثات الدراسية في جميع فروع الفن السابع تقريبا، نجد أن الشركة لديها (17) سبعة عشر مخرجا، 12 منتجا، 4 مصورين، 11 مدير تصوير، 10 كتاب سيناريو، وناقد فني واحد. 4 فنيو إضاءة، 6 مهندسي صوت، 4 فنيو توليف. أما بقية الحرف الأخرى فنسبتها صفر أو لا توجد. عبد الله اطبيقة مرجع سابق، ص. 151
[35] – حسب آخر الإحصائيات وصل عدد الموظفين بالشركة العامة للسينما إلى أكثر من 154 موظفا في نهاية السبعينات. جان الكسان، السينما في الوطن العربي. منشورات شهرية يصدرها المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب – الكويت مارس (آذار) 1982 ص. 390
[36] – الخيالة في ليبيا .دراسة ميدانية للقائم بالاتصال بمدينتي طرابلس وبنغازي. تأليف عبد الله محمد اطبيقة، منشورات جامعة سرت 2009 ص87. قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 907 لسنة 1989. محمد علي الفرجاني تاريخ الخيالة في ليبيا (1910-1990) مرجع سابق ص. 38.
[37] – بالرغم من أن أهداف الدمج هو توحيد الجهود والإمكانيات الفنية في الأعمال ” المتشابهة ” لدعم الإنتاج والتركيز والتنسيق في الأعمال الفنية (التلفزيونية والسينمائية) وخفض تكاليف الإنتاج. إلا أن إشكالية الدمج وحسب رأي الباحث لم تثمر عن أي إنتاج يذكر عدى الفوضى الإدارية. مرجع سابق ص،. 87.
[38] – مرجع سابق ص،. 86
[39] – بلغ عدد الملاك الوظيفي قبيل تصفيتها قرابة المائة وسبع وأربعون موظفا (147) موزعين بين طرابلس وفرع الشركة ببنغازي. الملحق السابق ص.90.
[40] – قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 97 لسنة 2002 بحل وتصفية الشركة العامة للسينما والذي يقضي بتوقف الشركة عن مزاولة أي نشاط ورفع يدها عن التصرف في أموالها وحقوقها؟ مرجع سابق ص.88.
[41] – دفعت الشركة العامة للسينما خلال فترة الدمج مكافآت العاملين بالتلفزيون والتي كان يطالب بها العاملين لمدة طويلة. وقد وجدت الشركة المدمجة الفرصة سانحة للاستفادة من عوائد مؤسسة السينما التي جزءا منها يأتيها من دور العرض. مرجع سابق 87،88
[42] – شهدت الفترة التي سبقت تصفية الشركة تصفية نهائيا ركودا كبيرا في جميع مجالات الشركة ففتحت الباب لأصحاب دور العرض والتي كانت حتى اللحظات الأخيرة المصدر الرئيس للدخل بالنسبة للعاملين بالشركة. تقدم العديد من أصحاب هذه الدور إلى المحاكم لاستردادها. كما تم إقفال البعض الآخر واستغلت البقية منها لاجتماعات مؤتمرات اللجان الشعبية خلال انعقادها. أما ما تبقى منها فهي غير صالحة للاستعمال. انظر جدول رقم (01) صفحة 40-48، من كتاب محمد على الفرجاني مرجع سابق. راجع الإعلان عن بيع بالمزاد العلني (محكمة بنغازي الابتدائية) ص. 234 الخيالة في ليبيا. مرجع سابق.
[43] – عقد مهرجان الفيلم النضالي الأول بمدينة طرابلس والثاني بمدينة بنغازي سنة 1991/92 وحضر المهرجان مجموعة من المخرجين والممثلين والممثلات العرب من مصر وتونس. وعرضت بعض الأفلام الروائية والتسجيلية. كما عقدت على هامش المهرجان العديد من المناقشات واللقاءات مع الكتاب والمخرجين لمناقشة إمكانية دفع بالإنتاج المشترك والاستفادة من الخبرات العربية السباقة في مجال الفن السابع.
[44] -استعانت الشركة العامة للسينما بالمخرجين من الجزائر: الأمين مرباح ومدير التصوير الراحل محمود لكحل من السينما الجزائرية والحاج رحيم من التلفزيون الجزائري وذلك لإخراج بعض الأعمال المشتركة آخرها شريط مشترك عن المياه بعنوان: ” ينبوع الحياة “في المناطق الصحراوية بين الجزائر وليبيا. كما استعانت أيضا بالمخرج العراقي قاسم حول في تنفيذ بعض الأعمال الوثائقية. كما تم اصدار كتاب: الحلقة الدراسية في مجال كتابة السيناريو سنة 1986 إصدار المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان طرابلس ليبيا طبعة أولى.
[45] – انظر المراسلة المنشورة والموجهة إلى أمين اللجنة الشعبية العامة آنذاك بتاريخ 01 / 04 /2002 يشكو فيها أمين اللجنة الشعبية المكلف بشئون الخيالة من الأوضاع العامة للشركة والمختنقات التي تمر بها والديون التي تطالب بها الشركة. ص 223 ملحق رقم 8. الخيالة في ليبيا مرجع سابق.
-[46] أغلقت دور العرض في بعض المدن منذ تاريخ تصفية الشركة، والبعض الآخر أصبحت تعقد فيه المؤتمرات الشعبية. أما دور العرض في مدينة طرابلس فقد أغلقت نهائيا وتصل نسبة الصيانة فيها إلى قرابة مائة في المائة وما تبقى منها استردت من قبل أصحابها آو تم الاستيلاء عليها.
[47] – لقاءات أجراها الباحث مع بعض العاملين بالشركة العامة للخيالة. مرجع سابق ص. 88.
[48] – تم بموجب هذا القرار (104) توزيع الأصول المتمثلة في العقارات التابعة للشركة على الجهات العامة واللجان الشعبية للشعبيات. كما تتحمل هذه اللجان مرتبات العاملين المنقولين إليها، كما يتوجب أيضا على أمانة المالية صرف مرتبات العاملين المتأخرة وعددهم (147) موظف. مرجع سابق، ص. 89-90
[49] – راجع ص 9.
[50] -السينما في الوطن العربي. مرجع سابق ص. 390
[51] – الهوية القومية في السينما العربية. مرجع سابق.ض.15
[52] – سمير فريد: في السينما العربية. المكتبة السينمائية دراسات (2). دار الطليعة بيروت لبنان الطبعة الأولى 1981.ص. 15، 16
[53] – من بين العاملين في حقل التصوير السينمائي والذين استعانت بهم المؤسسة فيما بعد مصور ين من الدول الشرقية. البعض منهم بدأ عمله بوزارة الإعلام والإرشاد القومي منذ الستينيات من القرن الماضي. قصة الخيالة العربية الليبية. مرجع سابق ص.51.
[54] – من بين هذه الأعمال التي لم تستكمل او فشلت قبل عرضها لسبب من الأسباب. منذ سنة 1970 وحتى سنة 1976. فيلم ” ثورة في الصدور ” إنتاج (الشركة الليبية للإنتاج السينمائي) إنتاج وإخراج علي الهلودي. (2) “رسالة لم تصل إنتاج وإخراج علي الهلودي. (3) ” يوم في حياة بئر “من إخراج فرج الرقيعي. (4) في سنة 1976 قامت الشركة العامة للخيالة بمغامرة أخرى بإنتاج شريط بعنوان “الذكريات” من إخراج سامح البارويني. قصة الخيالة العربية الليبية..مرجع سابق ص. 85،86.
[55] – اعتمدت دراسة اغلب المبعوثين في مجالات الفن السينمائي سواء أكانت بعثة دراسية أو رفع كفاءة او دورة تدريبية في بداية السبعينات من القرن الماضي، كانت يتعلق اغلبها بالجانب التقني: فن التصوير، المونتاج، التقاط الصوت، الإخراج، الإضاءة…الخ. انظر قصة الخيالة العربية الليبية. جدول رقم 8 ص.130 ،131. مرجع سابق.
[56] – في إطار تشجيع المواهب من خارج المؤسسة وهي شهادة استذكرها هنا فقد تحصلت في بداية الثمانينات على دعم من المؤسسة العامة للخيالة: متمثل في كاميرا 16 مم ومجموعة من العلب الخام ابيض واسود رفقة مصور وذلك لتصوير شريط وثائقي قصير بالأبيض والأسود حول النشاط المعماري والتجاري وصناعة الحرف التقليدية في المدينة القديمة. وبعد إتمام المونتاج المبدئي للشريط بقي لفترة طويلة ينتظر تركيب الصوت والتعليق. ثم اختفى كغيره من مخازن الشركة، كما أحالت دراستي بالخارج دون إتمامه.
[57] -محمد على الفرجاني.قصة الخيالة العربية الليبية.مرجع سابق ص.89.
[58] – شريط الشظية كان تحديا كبيرا للمؤسسة العامة للسينما ولأطقمها الفنية بأنها الفرصة المناسبة لإثبات خبرتهم فتعاون الكل في التنفيذ. القصة للقاص والروائي الليبي إبراهيم الكوني تم اختيار هذا الموضوع لأنه يعالج مشكلة الألغام التي زرعت في الاراضي الليبية ابان الحرب العالمية الثانية وأصبح العديد من الناس وبالذات السكان القرويون ضحايا بسببها. فقام (كاتب هذا البحث) بكتابة السيناريو الأدبي والتقطيع للقصة التي تحمل نفس الاسم: الشظية وهو الاسم الحقيقي كما في الشريط ليكون عملا روائيا تسجيليا في بداية الثمانينات وسلمته للتلفزيون الذي علق على السيناريو بأنه عمل سينمائي من اختصاص الشركة العامة للخيالة. وعليه تمت إحالة العمل في ذلك الوقت إلى السيد مدير عام الشركة والذي سلمه بدوره وبدعم منه إلى المخرج الراحل محمد الفرجاني الذي تبنى العمل ورحب بالفكرة مع إجراء بعض التعديلات عليه. وتم تنفيذ العمل سنة 1984/85.
[59] – هذه كانت رغبة المسئولين والقائمين على الشركة العامة للسينما منذ البداية، إلا أن الدافع والطموح كانا مفقودين، إلا أن قرار إنشاء الشركة كان قرارا من السلطات العليا آنذاك أي (مجلس قيادة الثورة) ولا علاقة له بالإمكانيات المتاحة والتي تسمح بإقامة سينما محلية.
[60] -لقد ذكرني هذا التصرف من قبل الدولة والذي ينبأ بالتخبط في اغلب مشاريعها التي لم ير النور اغلبها بمشروع السكة الحديدية في بداية السبعينات. إذ قامت الدولة بإيفاد العديد من الشباب إلى دولة المجر لتلقي دورات في جميع مجالات السكة الحديدية. إلا أن الدولة لم تقم بإعداد المشروع ولم تخطط له. وعندما رجع هؤلاء المتدربون لم يجدوا شيئا. بل بقوا على الانتظار لأكثر من سنة، ثم بدا اغلبهم يبحث عن أعمال أخرى. أعيد التفكير في هذا المشروع في بداية 2009 وتم التعاقد مع كل من الصين وروسيا وبدا في تنفيذ المشروع ولكن ببطء. وتم أيضا تخطيط سير الخط من الحدود الغربية حتى مدينة بنغازي، مرورا بمدن الساحل. وتم كذلك تعويض اغلب الأراضي التي يمر بها خط سير القطار. إلا أن المشروع لم ينته وباغتت ثورة 17 فبراير النظام فطوى المشروع النسيان وعاد بعض الناس إلى البناء في المخطط من جديد على أنها لازالت ملكا لهم.
[61] – مصدر سابق ص. 388
[62] كان عدد المنتسبين للنادي قد بلغ أكثر مائة عضو إلا أن التردد كان قليلا وكنت من بين أعضاء النادي في ذلك الوقت. كانت النقاشات تدور حول مشكلات التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود ومشاهدة الأقلام التسجيلية الليبية على اعتبار أنها أعمال محلية حديثة. (المؤلف) مصدر سابق.ص. 394
[63] – في منطقة تبسه بولاية قسنطينة تم تكوين أول مجموعة من الكوادر السينمائية أطلق عليها اسم حركي ” مجموعة فريد ” وهي تتبع سياسيا الولاية. وتتكون هذه المجموعة من: محمد قيناز، علي الجناوي، ريني فوتيي، جمال شندرلي واحمد راشدي. السينما الجزائرية مرجع سابق ص.62.
[64] – رشيد بوجدرة ولادة السينما الجزائرية. ماسبيرو 1971 ص. 49
[65] – Sylvie Dallet, Guerres révolutionnaires. Histoire et cinéma, Paris, éd. L’Harmattan 1984 p. 148
[66] – في هذا الظرف كان الأدب الجزائري يتشكل أمام الصورة الدعائية الكاذبة التي طبعت على مجتمعهم. فظهرت كتابات لكل من: مولود فرعون ” ابن الفقير “(1950)، مولود معمري ” الربوة المنسية “ (1952)، محمد الذيب ” البيت الكبير ” ثم كاتب ياسين ” دائرة الانتقام“. وهذه الكتابات تعكس في محتواها ومجريات أحداثها كل العناصر المكونة للشخصية والهوية الجزائرية. وتنادي في اغلبها بالتحرر والثورة. Sylvie Dallet مرجع سابق ص. 149
[67] – بدأت قبل هذه الفترة وبالولاية الأولى المنطقة الرابعة مجموعة من جبهة التحرير الوطني بعد أن تدربت على حرفيات المهنة فكونت فريقا سينمائيا سميت ” بالخلية السينمائية ” مهمتها إخراج مجموعة من الأفلام الوثائقية : مهاجمة منجم “الونزة ” رمز الاستعمار سنة 1957 ودور الممرضات أنتجها ” جيش التحرير الوطني ” واللاجئون حيث تم تصويره في تونس سجنت على إثره مخرجته “سيسيل دوغيس” لمدة سنتان في فرنسا. ثم فيلم ” الجزائر تحترق “، “ساقية سيدي يوسف ” حول قصف قرية على الحدود التونسية لريني فوتيي وبيار كليمان اللذان اختارا الوقوف مع جبهة التحرير الوطني (1956/57). ولأهمية للدور الكبير والرسالة الثورية التي تحملها هذه الأفلام وحصولها على إعجاب الدول من المعسكر الشرقي فقد قررت ” الحكومة الجزائرية المؤقتة ” أن تقوم بتكوين سينمائيين في الدول الاشتراكية وإعداد أرشيف عن حرب التحرير. Lotfi Maherzi. Le cinéma Algérien, Alger, Ed. SNED, 1980, p. 63..
[68] – بعد الاستقلال تغير الأسلوب والمواضيع. فالتفتت السينما نحو نفسها أي نحو المجتمع الجزائري وبرزت مواضيع شدت اليها الجمهور في الداخل والخارج ونالت اغلبها جوائز دولية ومنها على سبيل المثال: عمر قتلته الرجولة لمرزاق علواش، الفحام لمحمد بوعماري، ليلى والاخريات لسيدي علي مازيف، ريح الجنوب لسليم رياض…الخ.
عبد السلام المدني
- Cet auteur n\\\\\\\'a pas d\\\\\\\'autres publications.